U3F1ZWV6ZTI3ODM4NTIzNjA5X0FjdGl2YXRpb24zMTUzNzIwNjQ2MTk=
recent
أخبار ساخنة

تلخيص قصة الايام لطه حسين للثانوية العامة

تلخيص قصة الايام لطه حسين للثانوية العامة


تلخيص قصة الأيام لطه حسين للثانوية العامة

مقدمة


فن السيرة الذاتية : قصة حياة مؤلف يرويها بنفسه نثراً ومعتمداً على ذاكرته فى استعادة تفاصيلها المنسية والسبب فى كتابتها ، إما أن يكون مجرد الحنين إلى الطفولة السعيدة أو  الرغبة فى تقديم مثال يحتذى به الشباب . أو الرغبة فى تحدى الحاضر أو الانتقام منه .أو  الرغبة فى مراجعة الذات والتاريخ .
أما طريقة تعبير ( طه حسين ) فى التعبير عن نفسه فى سيرته الذاتية أنه يتحدث عن نفسه بضمير الغائب ، ولا يتحدث بضمير المتكلم . و قد يسمى نفسه ( صاحبنا ) أو ( الصبى ) أو ( الفتى ) والسبب فى ذلك الرغبة فى إضفاء الموضوعية والحيادية على قضية ذاتية  هى قصة حياته .
الخصائص العامة المميزة لأسلوب طه حسين :
تتمتع لغته بإيقاع موسيقى رنان .
الجمل القصيرة واللوازم الأسلوبية المتكررة
يتحدث إلى قارئه أكثر مما يكتب إليه  .

الجزء الأول

الفصل الاول : خيالات الطفولة

يتحدث الكاتب عن أول ما علق في ذهنه من ذكريات الطفولة ، فيقول : إن أول يوم يتذكره ملامحه مجهولة ، لا يتأكد من تحديد وقته ولكنه يرجح أنه كان في فجر ذلك اليوم أو في عشائه ؛ لأن :
(1) هواءه كان بارداً .
(2) ونوره هادئاً خفيفاً .
(3) وحركة الناس فيه قليلة .
ويتذكر الصبي أسوار القصب التي لم يكن يقدر أن يتخطاها ويحسد الأرانب التي كانت تقدر على ذلك في سهولة.
كما كان يذكر صوت الشاعر بأناشيده العذبة الجميلة ، وأخباره الغريبة والتي كانت أخته تقطع عليه استمتاعه بها عندما كانت تأخذه بقوة وتدخله البيت ؛ لينام بعد أن تضع له أمه سائلاً في عينيه يؤذيه ولكنه يتحمل الألم ولا يشكو ولا يبكى .
ثم تنيمه أخته على حصير وتلقى عليه لحافاً وهو لا يستطيع النوم ؛ خوفاً من الأوهام والتخيلات التي كان يتصورها من الأشباح والعفاريت التي لا يقدر على إبعادها عنه إلا لو لفّ جسمه ورأسه باللحاف .
ويستيقظ من نومه المضطرب على أصوات النساء يعدن وقد ملأن جرارهن من القناة وهن يتغنين ( الله ياليل الله....) ، فيعرف أن الفجر قد بزغ فتعود الضوضاء إلى المنزل ويصبح هو عفريتاً أشد حركة ونشاطاً مع إخوته.

الفصل الثانى : ذاكرة الصبى

كان مفهوم الصبي عن القناة في ذهنه عالماً مستقلاً عن العالم الذي يعيشه ،تعمرها كائنات غريبة من التماسيح التي تبتلع الناس ، وفيها المسحورون الذين سحرهم الجن في خيال أهل الريف وفيها أسماك ضخمة تبتلع الأطفال وقد يجد فيها بعضهم (خاتم سليمان) عندما يديره بإصبعه يحقق له خادماه من الجن كل ما يتمناه.
كم تمنى الصبي أن تلتهمه سمكة من هذه الأسماك فيجد في بطنها هذا الخاتم الذي كان في حاجة شديدة إليه لكن كانت هناك أهوال كثيرة تحيط به قبل أن يصل إلى هذه السمكة .
ولكن حقيقة هذه القناة التي لم يكن بينها وبينه إلا خطوات أن عرضها ضئيل يمكن أن يقفزه شاب نشيط ويمكن أن يبلغ الماء إبطي الإنسان وأنه ينقطع عن القناة من حين لآخر بحيث تصبح حفرة مستطيلة يبحث الأطفال في أرضها اللينة عن صغار السمك الذي مات لانقطاع الماء .
كانت هناك أخطار حقيقية حول هذه القناة يشهدها الصبي ، فعن يمينه جماعة (العدويين) الأشرار وعن شماله (سعيد الأعرابي وامرأته " كوابس") القتلة .
أخذ الصبي يتذكر أحداث طفولته عن السياج والمزرعة والقناة و العدويين و(سعيداً وكوابس) يتذكر كل ذلك عندما عبر القناة على كتف أحد إخوته وأكل من شجر التوت كما أكل التفاح وقطف له النعناع والريحان

الفصل الثالث : أسرتي

كان الصبي يعيش في أسرة كبيرة تصل إلى ثلاثة عشر فرداً مع أب و أم ، وكان لديه مكانة خاصة
و منزلة لا يعلم إن كانت تؤذيه أم تسعده ، فقد كان يجد من أبيه ليناً ورفقاً ومن أمه رحمة ورأفة ، وأحياناً كان يرى من أبيه وأمه إهمالاً وغلظة ، ومن إخوته الاحتياط في معاملته وكان هذا يضايقه.
وقد اكتشف الصبي سبب هذه المعاملة بعد ذلك وعرف أن إخوته يكلفون بأشياء لا يكلف بها مما جعله يعيش في حزن صامت حتى علم الحقيقة أنه (أعمى) .

الفصل الرابع :مرارة الفشل

حفظ الصبي القرآن ولم يتجاوز التاسعة من عمره وفرح باللقب الذي يطلق على كل من حفظ القرآن وهو (الشيخ) وكان أبواه يلقبانه بهذا اللقب إعجاباً به ، وكان الصبي ينتظر شيئاً آخر من مظاهر المكافأة وهو لبس العمة والقفطان .
الحقيقة أنه لم يكن مستحقاً لذلك لأن حفظه للقرآن لم يستمر طويلاً ؛ كما أنه لم يداوم على مراجعته ،فنسيه .. وكان يوماً مشئوماً عندما اختبره والده وغضب عليه (سيدنا) وأخذ الصبي يتساءل :
 أيلوم والده الذي امتحنه ؟
أم يلوم نفسه لأنه لم يداوم على مراجعته ؟
أم يلوم سيدنا لأنه أهمله ؟ !!!

الفصل الخامس : الشيخ الصغير

فرح (سيدنا) بالصبي عندما شرفه أمام والده بحفظه القرآن بعد أن نسيه ، وكان خائفاً أن يخطئ الصبي واستحق سيدنا مكافأته ( الجبة ) التي وعد بها
وأخذ سيدنا على الصبي عهداً أن يقرأ على العريف ستة أجزاء من القرآن في كل يوم فور وصوله إلى الكتاب حتى لا ينسى مرة أخرى ودعا سيدنا العريف وأخذ عليه العهد أن يسمع للصبي ستة أجزاء من القرآن يومياً .

الفصل السادس : سعادة لاتدوم

قرر والد الصبي أن يأتي له بفقيه آخر وهو (الشيخ عبد الجواد) يحفِّظه القرآن في 
البيت فكان الصبي يقرأ عليه القرآن ساعة أو ساعتين يومياً ثم يتفرغ بعدها للعب والحديث مع أصحابه وزملائه في أثناء رجوعهم من الكُتَّاب الذي انقطع عنه الصبي وأخذ يظهر عيوب (سيدنا) و (العريف) لزملائه معتقداً أنه لن يلقاهما بعد ذلك .
ولكن سيدنا أخذ يتوسل إلى الشيخ (والد طه حسين) حتى رضى عنه ووافق أن يذهب الصبي إلى الكُتَّاب مرة أخرى ليحفظ القرآن للمرة الثالثة وكم نال الصبي من لوم وتأنيب من سيدنا والعرِّيف على ما أطلقه لسانه عليهما من أخطاء أمام زملائه الذين كانوا ينقلون ذلك إليهما .
تعلم الصبي دروساً كثيرة من هذا الموقف منها :
*الاحتياط وعدم الاطمئنان إلى وعيد الرجال ووعدهم ، فقد حنث الوالد والفقيه  وعدهما
والصبيان  أغروه بالنيل من الفقيه والعريف ثم تقربوا إليهما بفضح ما كان منه في حقهما وأمه تضحك منه لنيله من سيدنا وتحرض سيدنا عليه وأخوته يعيدون عليه مقال سيدنا غيظا له 
*التحمل والصبر على شماتة إخوته على أمل أنه سيفارق البيئة التي عاش فيها بعد شهر أو بعض شهر عندما يذهب إلى الأزهر .

الفصل السابع : الصبى فى الأزهر

لم تتم فرحة الصبي بالذهاب مع أخيه الأزهري إلى القاهرة فبقى سنة أخرى ؛ لأنه كان صغيراً لا يتحمل المعيشة في القاهرة وتغيرت حياته قليلاً فقد كُلِّف بحفظ (ألفية ابن مالك) ومن كتاب ( مجموع المتون ) أشياء معينة مثل : الجوهرة – الخريدة – السراجية – الرحبية – لامية الأفعال  وغيرها من الكتب استعداداً لدخوله الأزهر .
وكان يفخر بهذه الكتب ؛ لأنها ستؤهله أن يكون عالماً له مكانة مرموقة مثل أخيه الشيخ الأزهري الذي كانت القرية تكرمه .
كان أهل القرية يتوسلون إلى الأخ الأزهري أن يقرأ لهم درسا في الفقه أو التوحيد حتى أبوه طلب منه أن يلقى خطبة الجمعة حتى جاء اليوم المشهود يوم المولد النبوي الشريف اشترى الوالد للأزهري جبة وقفطانا وطربوشا ومركوبا واتخذ الأزهري عمامة خضراء ووضع على كتفيه شالا من الكشمير وركب فرسا أعد له والناس تحفه عن يمين وشمال ويسعون بين يديه ومن خلفه والبنادق تطلق والنساء تزغرد وتلهج الأصوات بمدح النبي وسط أريج البخور ..

الفصل الثامن : العلم بين مكانتين

للعلم في القرى ومدن الأقاليم جلال ليس له في العاصمة، فالعلماء في القاهرة يغدون ويروحون لا يحفل بهم أحد غير تلاميذهم، أما علماء الريف ومدن الأقاليم فلهم إجلال وإكبار، ينجذب الناس إليهم، كذلك كان صبينا الذي يؤمن بأن العلماء فطروا من طينة أنقى من طينة الناس جميعاً.
كان يسمع لهم مدهوشاً، كانوا ثلاثة أو أربعة علماء تقسموا إعجاب الناس:
أحدهم كاتب فى المحكمة قصير ضخم ألفاظه غليظة كصاحبها، تصدمك معانيها ومخارجها، لم ينل العالمية ولا القضاء، حنفى المذهب يشيد بمذهب الإمام ويغض من فقه مالك والشافعى، ولم يخف على أهل الريف المكرة الأذكياء حقد الشيخ  على العلماء الآخرين ومذاهبهم.
وكانت المنافسة بين هذا الشيخ وبين الفتى الأزهرى شديدة، فالناس ينتخبون الأزهرى خليفة كل عام فغاظه ذلك، ولما تحدث الناس بأن الأزهرى سوف يخطب الجمعة خرج الشيخ قبل الخطبة.
وقال للإمام أن الشاب حديث السن وما ينبغي أن يصعد المنبر، وشكك الناس في صلاتهم وراءه فاضطربوا لولا نهوض الإمام فخطب الناس وصلى بهم.
وكان الأب يتشوق أن يخطب ابنه على المنبر، وأمه تشفق عليه من العين، ولكنه الحسد الذى حال بينه وبين المنبر.
وعالم ثان شافعى هو إمام المسجد رجل تقى ورع يقدسه الناس ويتبركون به كأنه ولى، وظل أهل المدينة يذكرونه بالخير بعد موته بسنين، ويتحدثون عن بركاته وما أعده الله له من النعيم.
وشيخ ثالث مالكى المذهب لم يحترف العلم، كان يصلى ويتجر ويفقه الناس متواضعاً لم يحفل به إلا القليل.
وهناك علماء آخرون لهم تأثيرهم كذلك على العامة منهم:
الحاج الخياط المعروف بالبخل، كان يزدرى العلماء جميعاً ويرى أن العلم الصحيح هو العلم اللدنى لا علم القراءة والكتابة.
وصبيناً يأخذ علمه عن هؤلاء جميعاً، فاجتمع لديه مقدار ضخم مضطرب من العلم كون عقلية لم تخل من اختلاف وتناقض.

الفصل التاسع : سهام القدر

اتصلت أيام الصبى بين البيت والمحكمة والمسجد تحلو حيناً، وتمر حيناً، وتفتر بين ذلك أحياناً، حتى عرفت الآلام طريق بيتهم .
كان للصبى أخت فى الرابعة خفيفة الروح، طلقة الوجه، فصيحة اللسان، قوية الخيال، كانت حديث الأسرة ولهوها تحدث الحائط واللعب، فترضى عنهم حيناً، وتغضب منهم حيناً، وتهدأ حيناً آخر حتى اقلبت بوادر عيد الأضحى وبات الكل يستعدون له: الكبار يختلفون إلى الخياط والحذاء، والنساء يجهزن بيوتهن، أما صبينا فكان يخلو إلى عالمه الخيالى يستمده من القصص والكتب التى يسرف فى قراءتها، وإذا بالطفلة تشكو.
ونساء القرى لا يهتممن بشكوى الأطفال ولا يعرفن للطبيب سبيلاً، إنما يعتمدن على علم آثم متوارث وأحياناً على الحلاق الذى أودى بعينى الصبى، أصابت الحمى الطفلة فعنيت بها أمها حيناً وأختها حيناً، والبيت يستعد للعيد، حتى جاء عصر اليوم الرابع على مرض الطفلة، وصياح الطفلة يعلو ويشتد فهرعت إليها الأم والأسرة، والأب يصلى ويدعو، والأم حيرى تدعو وتسقيها ألواناً من الدواء.
وماتت الطفلة فتضطرب الدار بمن فيها، الأم تصرخ وتلطم، والرجال يعزون الشيخ، والصبيان فى وجوم، ووسدت الطفلة التراب فى يوم عيد الأضحى.
ومرت أشهر وفقد الشيخ أباه، وفقدت الأم أمها، ثم أتى يوم منكر لم تعرف الأسرة مثله كان يوم 21 من أغسطس 1902، وقد فشا وباء الكوليرا فى ذلك الصيف، فدمرت مدن وقرى، ومحيت أسر كاملة، وأقفلت المدارس والكتاتيب، وانتشر الأطباء بأدواتهم وخيامهم.
وكان للأسرة ابن فى الثامنة عشرة جميل المنظر رقيق القلب بار بأمه رؤوف بأبيه رفيق بأخوته وأخواته، حصل على البكالوريا والتحق بمدرسة الطب، اتصل بطبيب المدينة وأخذ يرافقه متمرناً على صناعته حتى يوم 20 من أغسطس حيث شكا من بعض الغثيان وامضى يومه كعادته، وقضى ساعة من الليل فى الضحك والعبث مع إخوته، ونام الجميع واستيقظوا ليلاً على صيحة الشاب يعالج القئ فقد أصابه الوباء، فآوى الشيخ ابنه إلى حجرته وفصل بينه وبين إخوته، وحضر الطبيب.
الشاب يقئ والأم تبتهل وتدعو والأب واجم حزين، والصبيان اجتمعوا حول أخيهم المريض، والألم يشتد والحالة تسوء فطلب أن يبرق لأخيه الأزهرى وإلى عمه، واحتضر الشاب، والصبى منزو فى ناحية من الحجرة واجم حزين، وهيأ للدفن، ومن يومها استقر الحزن فى البيت ما غادره.
تغير الصبى الصغير فعرف الله حقاً، وتقرب إليه بالصدقة والصلاة والقرآن، وكان يريد أن يحط عن أخيه بعض سيئاته، ففرض على نفسه ليصلين الخمس كل يوم مرتين له ولأخيه، وليصومن من السنة شهرين، وليطعمن فقيراً أو يتيماً مما معه، وليكتمن ذلك عن الجميع، وقد وفى بالعهد أشهراً ولم يغير سيرته إلا حين ذهب للأزهر، ومن هنا عرف الصبى أرق الليل يقرأ القرآن ويصلى على النبى ويهب ثواب ذلك لأخيه، وينظم فى رثائه شعراً، ويرى أخاه فى نومه مرة على الأقل فى الأسبوع، وبمضى الزمن نسى الجميع الفقيد الشاب إلا اثنين: أمه وذلك الصبى.

الفصل العاشر : بشرى صادقة

وعد الأب الصبى فى يوم من خريف 1902 بأن يذهب إلى القاهرة، وانتظر الصبى ما تسفر عنه الأيام، فطالما سمع وعوداً من أبيه وأخيه، وبقى الوضع كما هو، وقد صدق وعده هذه المرة.
وإذا الصبى يجد نفسه يوم الخميس فى المحطة صباحاً، يجلس فى القطار محزوناً، وأبوه وأخوه ينهرانه بلطف عن تنكيس رأسه، وما علما أنه حزين على أخيه الطبيب الراحل.
ووجد الصبى نفسه فى القاهرة بين جماعة من المجاورين حيوا أخاه وأكلوا ما أحضره لهم معه من طعام.
صلى الصبى الجمعة فى الأزهر، ولم يجد فرقاً بين المدينة والقاهرة، فالخطبة هى الخطبة، والنعت هو هو، والصلاة نفس الصلاة، فخاب ظن الصبى، وكان يطمح إلى دراسة الفقه والنحو والمنطق والتوحيد، وليس دروس تجويد القرآن ودروس القراءات التي يتقنها .
حضر الصبى درس فقه خاصاً بأخيه على يد الفقيه (ابن عابدين على الدر) الذى كان أبوه يفتخر به، والأم تتحدث عنه وعن زوجته التى تتكلف زى أهل المدينة.
وكان الابن الازهرى يحدث أباه عن شيخه وحلقته ويحاول تقليد قراءته، ويصف بيت الشيخ ودار كتبه، والأب يسمع معجباً ويحدث أصحابه بما سمع تياهاً مفتخراً.
جاء يوم السبت وصلى الصبى وأخوه، ووعده اخوه أن يلتمس له شيخاً بالأزهر يتلقى عنه

الفصل الحادى عشر : بين أب وابنته

قال الأب لابنته : إنك يا ابنتى ساذجة طيبة القلب، والأطفال فى هذه السن يفتخرون بآبائهم وأمهاتهم ويعتبرونهم القدوة والمثل، إنك مقتنعة بأن أباك كان يعيش كما تعيشين أو خيراً مما تعيشين، إنه يبذل جهده ليجنبك حياته حين كان صبيـاً.
إننى أشفق عليك لو حدثتك عن حياته لأحزنتك، وحين تكبرين تعرفين أن أباك وفق كثيراً أن يجنبك طفولته وصباه التى إن عرفتهما أجهشت بالبكاء.
لقد رأيتك تبكين حين قصصت عليك قصة (أوديب ملكاً) حين قادته ابنته (انتيجون) بعد أن فقأ عينيه، فبكيت لأبيك الكفيف كما بكيت (لأوديب)، وسوف أحدثك عن أبيك حديثاً فى بعض أطوار صباه لا تضحكين منه قاسية لاهية ولا يثير فى نفسك الحزن والألم.
كان أبوك فى الثالثة عشرة من عمره فى القاهرة نحيفاً هزيلاً مهمل الزى، تقتحمه العين فى عباءته القذرة وطاقيته البيضاء التى اسودت، وقميصه متعدد الألوان مما سقط عليه من طعام، ونعليه الباليتين، وبصره المكفوف، مبتسم الثغر على غير عادة المكفوفين، يصغى باهتمام لشيخه جاداً صبوراً، يقضى الأسبوع والشهر على خبز الأزهر الردئ لا يغمس إلا العسل الأسود، وكان يؤلف الأكاذيب حين يسأله والداه عن معاشه رفقاً بهما حتى لا يحسا بحرمانه فيؤذيهما ذلك.
أما كيف أصبح أبوك الآن مقبولاً، مهيئاً لك ولأخيك حياة راضية، يحسده الكثيرون، ويرضون عنه ويشجعه الكثيرون، فهناك ملاك هو السبب فى ذلك، يحنو عليك ليلاً ونهاراً، لقد بدل الملك حياتى من البؤس إلى النعيم، وله علينا ديون يصعب أن نؤديها ما حيينا

الجزء الثانى

الفصل الأول : من البيت إلى الأزهر

انتقل الفتى إلى العاصمة طالباً للعلم متردداً إلى مجالس الدرس فى الأزهر، وكان يسكن بيتاً غريباً  يسلك إليه طريقا غريبة للوصول إليه وكان يدهشه ويثير فى نفسه شيئاً من العجب صوت لم يكن يعرفه، عرف فيما بعد أنه صوت (قرقرة) الشيشة.
وكانت الطريق إلى بيته   ضيقة غير مستقيمة تأخذ أنفه تلك الروائح المنكرة، وتأخذ أذنيه أصوات عالية متداخلة للنساء يختصمن وللرجال يتنادون فى عنف ويتحدثون فى رفق ، وللسقاء يبيع الماء والحوذى يزجر حماره أو بغله أو فرسه.
ويصف السلم الذى  يصعد فيه إلى بيته بأنه متوسط ليس بشديد السعة ولا بشديد الضيق عليه تراب كثيف.
كان يقيم بالطابق الأول  أخلاط من العمال والباعة، أما الطابق الثانى فكان يجد الراحة، حيث الهواء المطلق والببغاء التى كان يحبسها صاحبها الفارسى فى قفص بغيض، وكان صوت الببغاء يرشده إلى بيته.
وكان يمر على بيتين: أحدهما لصاحب الببغاء، والآخر لرجل تقدمت به السن.
كان الفتى يسكن فى بيت يتكون من غرفتين، الأولى فيها المرافق المادية للبيت والثانية المرافق العقلية .
وكان مجلس الصبي من هذه الغرفة معروفاً محدوداً ، كان مجلسه عن شماله إذا دخل الغرفة، يمضي خطوة أو خطوتين فيجد حصيراً قد بسط على الأرض ألقى عليه بساط قديم ولكنه قيم، هنالك يجلس أثناء النهار، وهنالك ينام أثناء الليل، وكان يحاذي مجلسه من الغرفة مجلس أخيه الشيخ

الفصل الثانى :حب الصبى للأزهر

كان الصبى يشعر بالغربة القاسية فى غرفته، فقد كان غريباً عن الناس وعن الأشياء من حوله كما كان يسير مضطرب الخطا، ويشعر بالخذى  لذلك.
ولكنه كان يجد الأمن والطمأنينة والاستقرار فى صحن الأزهر فقد كان يشعر أنه فى وطنه وبين أهله لا يحس غربة ولا يجد ألما فهو يتشوق ليلتقى شيئاً لم يكن يعرفه وكان يشعر شعورًا غامضاً تجاه العلم فكان يتشوق أن يبلغ من العلم أكثر ما يستطيع أن يبلغ وكان يتمنى أن يغرق فى بحر العلم، وكان هذا الشعور ينسيه لذات الريف.
وكان الأزهر بعد إنصراف المصلين من صلاة الفجر يعجب الفتى حيث كان هدوء وفتور على عكس أصواتهم فى الظهيرة، فقد كانت قوية عنيفة كما أن فى أصوات الفجر دعاء للمؤلفين يشبه الاستعطاف، وفى الظهر هجوماً على المؤلفين وكان صاحبه يستمع إلى
درس فى أصول الفقه، وكانت كلمة الفقه وغيرها تملأ قبله رهباً ورغبًا ومهابة وإجلالاً، كان الصبى يتمنى أن تتقدم به السن ليفهم أصول الفقه
وكانت جملة (الحق هدم الهدم) سبباً فى إصابته بالأرق لأنه لم يفهم معناها لصغر سنه وقلة خبرته بالعلم ومعناها إزالة الباطل حق.
وكان الصبى يفهم دروس الحديث باستثناء الأسماء الكثيرة التى تسبقها كلمة (حدثنا) ولم يكن يفهم كذلك (العنعنة المملة).
وكان اليوم ينتهى بعودة صاحبه إليه فيأخذ بيده فى غير كلام حتى يرده إلى البيت ويستعد الصبى لاستقبال حظه من العذاب.

الفصل الثالث : وحدة الصبى فى غرفته

كانت الوحدة المتصلة مصدر عذاب الصبى، فقد كان أخوه يتركه، ويذهب إلى غرفة أخرى من غرفات الربع ليلقى أصحابه فينفقون وقتاً طويلاً فى الدعاية والتندر بالشيوخ والطلاب وكان الصبى يحزن لأنه لا يستطيع أن يشاركهم الضحك والتندر واستعادة دروس الإمام (محمد عبده).
كان الصبى يتبع حركات الجماعة وضحكاتهم فيمتلىء قلبه بالأسى والحزن لأنه لا يستطيع أن يتحرك من مجلسه خوفًا من أن يفاجئه أحد المارة فيراه وهو يسعى متمهلاً.
وتذكر منزله فى قريته وكيف كان سعيدًا بحياته مع أخواته وأهل قريته كل هذا كان يملأ قلبه حسرات.
وكان يصرفه عن هذه الذكريات صوت المؤذن يدعو إلى صلاة الفجر فى (جامع بيبرس) وهو لا يستحب صوت هذا المؤذن لأنه كان قبيحاً كمؤذن قريته.
وكان الصبى يقبل على طعامه ويأتى عليه كله إذا أكل بمفرده إرضاء لأخيه حتى لا يظن أنه مريض أو حزين ثم يعود إلى سكونه فى ركنه الذى اضطر إليه.
وكان للظلمة صوت يدركه الصبى، صوت يشبه طنين البعوض وكان مصدر هذا الصوت هو حس الصبى المضطرب وقد ألف الصبى صوت الظلمة واطمأن إليه، ولم يكن صوت الظلمة هو الصوت الوحيد الذى يفزعه، فقد كانت أصوات الحشرات تملأ نفسه خوفاً ورعباً .
ولم يكن الصبى يخبر أخاه عن هذه الأصوات لأنها تكف عن الحركة وإصدار الأصوات إذا أضىء المصباح، فقد كان يخاف أن يظن بعقله وبشجاعته الظنون.
وعندما يؤذن لصلاة العشاء يشعر الصبى بالأمل واليأس حيث يضىء أخوه المصباح فيشيع فى الغرفة شيئاً من الأنس ولكنه بعد أن يلقى الوسادة إلى الصبى ليضع رأسه عليها واللحاف الذى يلتف فيه لينام يطفىء المصباح وينصرف، فيعود الصبى إلى أرقه ويأسه.
وعندما يرجع أخوه من إعداده لدرس الغد مع أصحابه يظن الصبى غارقاً فى نوم عميق ، وماذاق من النوم شيئاً ولكنه كان ينتظر عودة أخيه حتى يشعر بالأمن وهنا تتصل يقظته الآمنة بنومه اللذيذ.

الفصل الرابع : الحاج على وشباب الأزهر

يستيقظ الصبى على صوتين أحدهما صوت عصا غليظة والآخر صوت إنسانى، يقترب الصوتان من غرفة الصبى ثم يبتعدان.
ثم يرتاع الصبى لهذين الصوتين ويفكر فيهما، ويبحث عن مصدرهما ولكنه لم يظفر بطائل.
وفى كل يوم يستيقظ الصبى على هذين الصوتين ولكنه لم يجرؤ على أن يسأل أحد عنهما، وفى فجر الجمعة يسمع طرقاً عنيفًا على الباب كان هذا الطرق لصاحب الصوتين (صوت الرجل وعصاه) وهنا عرف الصبى مصدر الصوتين إنهما للحاج على وعصاه.
كان الحاج على قد جاوز السبعين ولكنه محتفظ بقوته وقد كان فيما مضى تاجرًا للأرز ولذلك كان يطلق عليه (الرزاز) ولما تقدمت به السن ترك التجارة.
توطدت العلاقة بين الحاج على وطلاب الأزهر وكان الطلاب يلتقون به كل يوم جمعة ويتناولون معه طعامهم، وكان الحاج على أسرع الناس خاطرًا وأظرفهم نكتة وأطولهم لسانًا وأخفهم دعابة وكان يتكلف التقوى والورع فيصلى الفجر وجميع الصلوات ويذكر الله كثيرًا ورغم ذلك فقد كان يتبع عيوب الناس.
كان الشباب يجدون عنده الراحة من عناء العلم وثقله فيمرحون ويلعبون وكان يوم الجمعة فى حياة الطلاب هو يوم البطون فقد كانوا يلتقون (بالحاج على) فى ذلك اليوم ويصنعون الطعام الشهى الذى تثير رائحته العمال والفقراء فيشعرهم ذلك بالحرمان ويكتفون بالاستمتاع بالرائحة.
كان الصبى يشعر بالخجل والإضطراب أثناء تناوله الطعام مع الشباب والشيخ فقد كان يخيل إليه أن عيون القوم تلحظه.
وتمضى الأيام والشهور وتتفرق الجماعة ويُنسى الشيخ ، وذات يوم وصل إلى مسامع الصبى نبأ وفاة الحاج على فحزن لذلك حزنًا شديدًا ودعا له بالرحمة. 

الفصل الخامس : الامام محمد عبدة والأزهر

يتحدث الكاتب عن غرفة أخرى من غرفات الحى وكانت هذه الغرفة مصدر سعادة وفكاهة لهؤلاء الشباب كان يسكنها شاب أكبر من هؤلاء الطلاب وأقدم منهم عهدًا بالازهر كان عقله محدودًا ورغم ذلك كان واسع الثقة بنفسه بعيد الطمع فى مستقبله.
كان يشارك أصحابه فى دروس الفقه والبلاغة ودرس الأستاذ الإمام محمد عبده.
كان هؤلاء الشباب يضيقون بكتب الأزهر ومناهجه تأسيًا بأستاذهم الإمام محمد عبده، فقد كان الإمام يدل طلابه على كتب قيمة فى النحو البلاغة والتوحيد لا تقرأ فى الأزهر وكان الطلاب يشترون الكتب التى ينوه بها الإمام وإن تعذر شراؤها استعاروها من مكتبة الأزهر.
كان الشباب يحبون الإمام ويفخرون بكونهم من تلاميذه وكان ذلك سبباً لامتيازهم وتفوقهم.
وكان يتقرب إلى هؤلاء الشباب ضعاف الطلاب وأوساطهم ليعرف الناس أنهم من أصفيائهم، ومنهم الشاب الذى يسكن الغرفة.
اتصل الشاب بهؤلاء الشباب ولكنه كان مثار ضحكهم بسبب جهله ولم يكن يغضب لذلك فكل ما كان يعرفه من العروض فى بحور الشعر هو كلمة (البسيط) فكلما عرض للشباب بيت من الشعر أظهروا العجز عن رده ووزنه حتى   ينبههم    أنه من    البسيط     فيضحكون ويستهزئون وهو مبتسم راض.
ولم يستطع الشاب مسايرة هؤلاء الشباب، فأخذ يتخلف عن الدروس ولكنه ظل محسوبًا على الأزهر.
وقد ارتقت حياة هؤلاء الشباب بفضل تفوقهم فيتصلون بأبناء الأسر الغنية الذين كانوا يطلبون العلم فى الأزهر والشاب يشاركهم اتصالهم بأبناء هذه الأسر الغنية، وتمضى الأيام ويتفوق هؤلاء الطلاب ولكن الشاب لا ينساهم حيث يزورهم من حين لآخر.
ويشارك (الشاب) الأستاذ الإمام فى محنته السياسية، كما اتصل بخصومه وبالمحافظة أيضًا، ويتكشف الأمر ذات يوم فتنقطع الصلة بينه وبين أصدقائه ويخسر كلَّ شىء.
ثم يعرف أن الشاب قد مات ولا يعرف أحد سبباً لموته هل المرض أم الحسرة أم الحرمان أم قضاء الله؟ المهم لم يحزن من أجله أحد وإنما رددوا قول الله تعالى (إنا لله وإنا إليه راجعون)

الفصل السادس :انتساب الصبى للأزهر

تأثر الصبى بالربع فقد اكتسب فيه العلم بالحياة وشئونها، ولقد أسلمه أخوه إلى أستاذ جديد وقد عرف هذا الأستاذ بالذكاء، ولكن ذكاءه كان مقصورًا على العلم فقد كان قليل الخبرة بالحياة العملية بارعًا فى العلوم الأزهرية وقد عرف الصبى أستاذه من طريق مشيه ومن قدميه فقد تعثرت قدما الأستاذ بيد الصبى وكادت تقطعها.
وقد اتبع الأستاذ طريقة جديدة فى التدريس، فلم يبدأ درس الفقه بالقراءة من كتاب كما تعود الشيوخ ولكنه سيعلمهم الفقه فى أكثر من كتاب وقد اتبع ذلك أيضاً فى دروس النحو وقد سعد الصبى بأستاذه وبطريقته فى الشرح.
وأقبل اليوم المشهود، حيث أنبئ الصبى أنه سيذهب إلى الامتحان فى حفظ القرآن تمهيدًا لانتسابه للأزهر ولم يكن الصبى قد تهيأ لذلك فخفق قلبه واضطربت نفسه، وقد دعاه أحد الممتحنين بقوله (أقبل يا أعمى) وقد وقعت هذه الجملة من أذنه ومن قلبه أسوأ وقع.
ودهش الصبى للامتحان فهو لا يدل على حفظ ولكنه انصرف راضياً عن نجاحه محتقرًا الامتحان الذى لا يكشف عن قدرة فى الحفظ.
وقد سعد الفتى بالسوار الذى دار حول معصمه فهذا دليل على أنه مرشح للانتساب إلى الأزهر.
وجاء يوم الكشف الطبى واجتازه الصبى حيث أخذ الطبيب ذراع الصبى وخط فيها خطوطًا، وبهذا أصبح طالبا منتسبا إلى الأزهر.


الاسمبريد إلكترونيرسالة